فلسفة النقيضِ في هجوم العمالقة

⚠ حرق ⚠

مع اقترابنا من صدور التسريبات الخاصة بالفصل 114 وكثرة النظريات التي يقترحها الفانز عما يدور في كواليس عائلة ييغر
 وماضي الملكي الأشقر الذي بات في موقفٍ محرج قد لا ينجيه منه سوى أخيه وصاحب النظارة زافير الذي قد يعتبر صلة الوصل
بين زيك وكروغر عرّاب الاستعادة ومنطلقها ؛ ما شدني في الفصول الأخيرة ومع دخولنا في الأرك الجديد والأخير هو (التناقض )

 فلن اخوض كثيراً في النظريات المقترحة فنادر وعبد الباسط تولّوا أمرها باعتباري كنتُ بعيدةً عن أجواء الصفحة منذ أكثر من
 شهرين ولكن ما شدّني أكثرَ من رغبتي في معرفة ما قد يحصل وما النظريات التي ستتحقق هو أنك لن تفهم الصورة بأكملها ما لم ترَ نقيضها
Vogel im käfig
الساوند تراك الشهير الذي يجتمع فانز هجوم العمالقة على أنه من أعظم الأوستات بمختلف الأعمال السينمائية ، خصيصاً عندما
تدرك معانيه على أنه مسرحيةٌ روائية للأساطير الاسكندنافية وقصيدةٌ تحكي كيفَ خُلقَ العالم بسلام وعاشت الكائنات في عوالمَ
مختلفةٍ دونَ أن يؤذي بعضها الآخر ؛ صوت المغنية الأوبيرالي الهادئ الذي يلازم تلك الكلمات النقية والمعاني الصافية واللحن
اللطيف لينحدر المشهدُ فجأةً نحوَ النقيض ؛ لحنٌ مخيفٌ وكلماتٌ تقصُّ علينا نهايةَ العالم والمصيرَ المشترك الذي افتعلته الكائنات
وسترتطم به جميعها ألا وهو الموت
بعد صدور الفصل 112 والحديث الذي وجهه إيرين لميكاسا والنظريات التي بدأت تدفق عن رغبة إيرين في إبعادها عن ساحة الدم
 تلك ؛ أو أن من كان يتحدث ليس إيرين فعلياً بل مئات السبل والذكريات التي اجتمعت فيه وأنَّ عنصر الحرية الذي ميّز العملاق
المهاجم هو من دفع المتمرّد الشاب لخوضِ هذا الحديث الجارح
ولكنني نظرتُ لما حدث بطريقةٍ مغايرة
كانت رغبته بنيلِ الحرية تتغلل فيه منذ صغره فهو مميزٌ بمجرّد أنه ولدَ في هذا العالم ؛ المهاجم لم يكن ما ولّد فيه حبَّ الحرية بل
الفضول وبعضُ الكتب المحرمة التي كان يتصفحها مع آرمين ؛ امتزجت الرغبة بالانتقام مع خسارته لوالدته وتقاطع الانتقام مع
 طموح البشرية بالثأر لمجدها الذي كان ينتهكُ في كلِّ مواجهةٍ مع العمالقة ورغبة بعضِ الجماعات البشرية بملءِ الفضول والفراغ
 الذي يحوم حول هذا الجنسِ الغريب
قبل الفصل 90 وتحديداً في الجزء الأول من الإنمي كان هذا مفهوم الحرية الذي طرحه لنا هاجيمي إيساياما في نظرات إيرين
الانتقامية
الثنائية الفلسفية للعالم متوحشٍ قذرٍ مغلّفٍ بجدرانٍ معنوية ومادية ؛ وما وراءَ المجهولِ المغسولِ ببعضٍ من مشاعرِ الانتقام والفضول
 والثأر للبشرية
كلٌّ من كان يعيش الإسقاط الأول من تلك الثنائية في عالمٍ دستوبي مستوحى من بنود الفلسفة النازية ؛ أما الإسقاط للنقطة الثانية رسمه
 كلُّ منهم بطريقته ؛ على أملٍ أنَّ الأسوار المادية هي من تفصلهم عن اليوتوبيا الضائعة
مفهوم الحرية مرصّعٌ بمعاني الجمال والكمال ؛  والسبيل الوحيدُ لتكون سداً منيعاً يحميكَ من فيضِ القساة وفوحِ القذارة تلك هو الكفاحُ والقتال
عمدَ إيساياما على الربط ما بين المعاني الإنسانية السامية ومفهوم الحريةِ والكفاح الذي حُملَ على أجنحة الحرية باسم فيلق الاستطلاع
فنتجَ خليطٌ من المفاهيم تفرّد بها هجوم العمالقة في جزئه الأول وتعلق بها الفانز فغنوا للمجدِ ورددوا أناشيد اللينكيد هورايزون أينما سمعوها
بعد الفصل 90 مفهوم الحرية ذاته لا زال وحتى استخدام الكفاح المطلق كأسلوبٍ للنجاة وتبرير الغاية للوسيلة لا زال ؛ عالمٌ قاسٍ
وماضٍ مرير وحاضرٍ أمر ؛ لا زال ولا زال ؛ ولكننا الآن نرى النقيض  لأننا نشهد على الأحداث من الإسقاط الآخر للقصة ؛ انقلبت
 التصورات والمشاعر وبقيت الأساليب ونحن كفانز عشنا هذا الانقلاب أيضاً على الرغم من تأييد معظمنا لفلسفة الكفاح التي تقودها حركة الإستعادة
كي تتغلبَ على قذارة هذا العالم عليكَ أن تكون أشدَّ قذارةً منه
إيرين ثنائيةٌ كذلك حيرت الفانز وخضعت للانقلاب ذاته ؛ الصورة ونقيضها بمجرّد أنه ولد في هذا العالم
لم أرَ من استطاع أن يحلل تلك الثنائية إلا القلائل من اليوتيوبرز الذين يركزون على الجانب الفلسفي للقصة وطبقوا ذلك على إيرين ؛
بل انصبَّ اهتمامنا جميعاً على فيضان النظريات الذي يتبع كل فصلٍ حيث نريد أن ننال القريب من القصة دون النظر للبعيد
البعيد...بالطبع فزحمة الأحداث ووتر التشويق الذي يرقص عليه هاجيمي ايساياما هو من يدفعنا لذلك ولكن وكالعادة مانجا هجوم
العمالقة أكثر بكثيرٍ من مجرد قصة
ما يحدث مع ميكاسا يعزز كذلك الصورة ونقيضها
ثنائياتٌ وثلاثياتٌ اجتمعت فيها لتقدم لنا إحدى أكثر الشخصيات التي تعيش التناقض بعد إيرين
بعد أن أخبرها إيرين بالطريقة الجارحة تلك عن عائلة الأكرمان بدأ الصدام يشتعل فينا ما إن كانت قد تعلقت فيه لأنه عائلتها وعاشت
 معه أم لأنها من عشيرة الآكرمان وكان السبب في تفعيل قواها بعد أن أطاعت أمره
حاولتُ جاهدة البحث عن الجواب ؛ بإعادة اللقطات والعبارات ولكنني أدركت أننا لن نصل للجواب أبداً وتأكدوا أن هاجيمي ايساياما
 لن يعطينا إياه كذلك فالهدف مما يحدث أكبر وأهم من الجواب
ميكاسا هي كلا الأمرين إن أردنا ؛ إيرين أخبرها بالصداع الذي يشعر فيه الأكرماني بعد ابتعاده عن مضيفه ولكن مهلاً...المرة
الأولى التي رأينا فيها ميكاسا تحسُّ بذلك النوع من الألم كان عندما فقدت كارلا وسحبها هانيس مع إيرين خارجين من شيغانشينا

فتذكرت ما حدث معها بموت والديها...ولم يكن السبب هو المضيف أبداً..فمضيفها وعائلتها كان ملازماً لها في هذا المشهد
إيرين دعاها للقتال في لحظة الضعف تلك وزرع في تفكيرها مفهوم البقاء للأقوى واختيار الحياة منهجاً وحيداً في الانتخاب ألا وهو
القوة ...كانت ترى المشهد بطريقةٍ بطولية  واعتباراتٍ منطقية فالصحيح لا مكان له حينَ يحلُّ المنطق...المنطق كان بالنجاة من
الجحيم ذاك وارتكاب ما يماثله ولكن هذا لم يعنِ أن هذا هو التصرف الصحيح
ربطت المنطق بالجمال فخرجت من فيهها إحدى أشدِّ العبارات روعةً في هجوم العمالقة
(العالمُ قاسٍ ولكنه جميلٌ جداً )
تناقضٌ جبار قد نعي من خلاله حقيقة هذا العالم لأننا أكملنا العبارة بنقيضها ؛ ومن علمها ذلك هو إيرين البطل الصغير الذي أنقذها
من شُلّةِ قذرين لم يكترثوا للعمالقة التي تحيط بهم بقدر ما كان همهم هو المتاجرة بالبشر
ولكن بدأت تنظر للمشهد بطريقةٍ أخرى تماماً مع انقلاب الأحداث فلم تعد تراه بطولياً بقدر ما تصورته أمراً مريعاً ولامنطقياً بأن يقوم
 طفلٌ في التاسعة من عمره بقتل رجلين بالغين بتلك الوحشية
العالمُ قاسٍ فقط أما الجمال الذي أقتعنت به بدأ يتلاشى بالإسقاط الآخر الذي نعيش فيه الآن مع أفكار هاجيمي إيساياما السوداوية الذي
رسم المشهد ولأول مرةٍ بأسلوبٍ ظلاميِّ بحت
ما هي حقيقة هذا المشهد ؟

بطلٌ صغير خارق أم ملاكُ موتٍ شاحب ؛ لا أعتقد بأننا قد نلقى الجواب على هذه الثنائية أيضاً خصيصاً مع التماس القصة لفصولها الأخيرة
الأميرةُ المشرقية والمحاربة الأكرمانية ثمرةُ اجتماع عرقان مختلفان تماماً...متناقضان... أحدهما من سلالة الملوك والآخر قضوا
تاريخهم أتباعاً للملوك
كلُّ من يشدُّ الأميرةَ على هواهْ

ووعينا لخفايا القصةِ بالنقيضِ ضاعَ وتاهْ

#hazar
#أتاكيون

المشاركات الشائعة